كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(فَصْل فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ وَتَوَابِعِهِ):
(قَوْلُهُ: وَكَذَا كِتَابِيٌّ إلَخْ) وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ عَدَمُ مَنْعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ إنْ قُلْنَا بِأَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ فَهَلْ كَذَلِكَ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَيَنْبَغِي نَعَمْ فَرَاجِعْهُ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ حُكْمٌ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ فَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ تُصِرَّ عَلَى ذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ وَهَذَا فِي عَدَمِ مَنْعِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ نِكَاحُ إلَخْ وَهَذَا كَبَحْثِ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورِ يُخَالِفُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ أَصْلِهِ) عَلَى هَذَا يَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا مَعْلُومٌ فَتَدْخُلُ الْمَجُوسِيَّةُ انْتَهَى.
(فَصْل فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ):
(قَوْلُهُ: فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُمَا عَطَفَا مَجُوسِيَّةً عَلَى مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا وَحَذَفَا قَوْلَهُ أَيْ وَلَمْ يَخْشَ فِتْنَةً بِهَا بِوَجْهٍ وَقَوْلَهُ: أَيْ- تُصَلِّي وَقَوْلَهُ لَا تُصَلِّي إلَخْ وَحَذْفُ الْمُغْنِي قَوْلَهُ مَنْسُوبٌ إلَى زَرَادُشْتَ وَقَوْلَهُ: وَكِتَابِيٍّ إلَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} وَقَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَخْشَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهِ) كَحُكْمِ تَهَوُّدِ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسِهِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْكَافِرَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ قَوْلَهُ: وَكَذَا كِتَابِيٌّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إنَّ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْمُسْلِمِ وَثَنِيٌّ وَمَجُوسِيٌّ إلَخْ أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ نِكَاحُ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا كَعَابِدَةِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ.
(قَوْلُهُ: مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَمَجُوسِيَّةٍ) وَهِيَ عَابِدَةُ النَّارِ.
(قَوْلُهُ: وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ نِكَاحُ إلَخْ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَحُكْمُ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِيمَنْ ذُكِرَ حُكْمُ النِّكَاحِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مَذْهَبُنَا وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ تُعْرَفُ بِتَأَمُّلِ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي وَطْءِ السَّبَايَا وَالْجَوَابُ عَنْهَا عَسِرٌ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) دَلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْمَتْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَجُوسِيَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا لَا عَلَى وَثَنِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا كِتَابَ لَهَا أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَى زَرَادُشْتَ) وَفِي ع ش عَنْ ابْنِ أقبرس وَفِي السَّيِّدِ عُمَرَ عَنْ الأكاكي قَالَ السُّلْطَانُ عِمَادُ الدِّينِ فِي تَارِيخِهِ وزرادشت بِزَايٍ مَفْتُوحَةٍ مَنْقُوطَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ فَدَالٌ مَضْمُومَةٌ مُهْمَلَةٌ فَشِينٌ سَاكِنَةٌ مَنْقُوطَةٌ فَتَاءٌ مُثَنَّاةٌ فَوْقُ وَهُوَ صَاحِبُ كِتَابِ الْمَجُوسِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَتْ) أَيْ الْمَجُوسِيَّةُ.
(قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ أَصْلِهِ) أَيْ أَصْلِ كِتَابٍ لِلْمَجُوسِيَّةِ أَيْ وُجُودِ كِتَابٍ لَهُمْ فِي الْأَصْلِ.
(وَتَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ) لِمُسْلِمٍ وَكِتَابِيٍّ وَكَذَا غَيْرُهُمَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ بِمَا فِيهِ فِي مَبْحَثِ التَّحْلِيلِ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أَيْ حَلَّ لَكُمْ نَعَمْ الْأَصَحُّ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحًا لَا تَسَرِّيًا وَتَمَسَّكُوا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطَأُ صَفِيَّةَ وَرَيْحَانَةَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ أَهْلِ السِّيَرِ يُخَالِفُ ذَلِكَ (لَكِنْ يُكْرَهُ) لِلْمُسْلِمِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ فِيمَا يَظْهَرُ كِتَابِيَّةٌ (حَرْبِيَّةٌ) وَلَوْ تَسَرِّيًا لِئَلَّا يُرَقَّ وَلَدُهَا إذَا سُبِيَتْ حَامِلًا فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ تَكْثِيرَ سَوَادِهِمْ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ مُسْلِمَةٌ مُقِيمَةٌ ثَمَّ (وَكَذَا ذِمِّيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِئَلَّا تَفْتِنَهُ- بِفَرْطِ مَيْلِهِ إلَيْهَا- أَوْ وَلَدَهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مَيْلَ النِّسَاءِ إلَى دِينِ أَزْوَاجِهِنَّ وَإِيثَارَهُمْ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ نَعَمْ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْهَا فِي الْحَرْبِيَّةِ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ نَدْبَ نِكَاحِهَا إذَا رُجِيَ بِهِ إسْلَامُهَا أَيْ وَلَمْ يَخْشَ فِتْنَةً بِهَا بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.
كَمَا وَقَعَ لِعُثْمَانَ أَنَّهُ نَكَحَ نَصْرَانِيَّةً كَلْبِيَّةً فَأَسْلَمَتْ وَحَسُنَ إسْلَامُهَا وَهُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ إنْ وَجَدَ مُسْلِمَةً أَيْ تُصَلِّي وَإِلَّا فَهِيَ أَوْلَى مِنْ مُسْلِمَةٍ لَا تُصَلِّي عَلَى مَا مَرَّ أَوْ النِّكَاحِ (وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} (لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ وَغَيْرِهِ) كَصُحُفِ شِيثٍ وَإِدْرِيسَ وَإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمْ فَلَا تَحِلُّ وَإِنْ أَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ سَوَاءٌ أَثَبَتَ تَمَسُّكُهَا بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَمْ بِالتَّوَاتُرِ أَمْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهَا لَا أَلْفَاظُهَا أَوْ لِكَوْنِهَا حِكَمًا وَمَوَاعِظَ لَا أَحْكَامًا وَشَرَائِعَ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ فِيهَا نَقْصَ الْكُفْرِ فِي الْحَالِ، وَغَيْرُهَا فِيهِ مَعَ ذَلِكَ نَقْصُ فَسَادِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكِتَابِيَّةُ) أَيْ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهَا (إسْرَائِيلِيَّةً) أَيْ مِنْ نَسْلِ إسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْنَى إسْرَا عَبْدٌ وإيَّلَ اللَّهُ بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهَا غَيْرُ إسْرَائِيلِيَّةٍ أَوْ شَكَّ أَهِيَ إسْرَائِيلِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا؟ (فَالْأَظْهَرُ حِلُّهَا) لِلْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ.
(وَإِنْ عَلِمَ) بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا لَا بِقَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنَّمَا قُبِلَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِزْيَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي الْعَدْلَيْنِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ إذْ إخْبَارُهُمَا إنَّمَا يُفِيدُهُ لَكِنَّهُ ظَنَّ إقَامَةَ الشَّارِعِ مَقَامَ الْيَقِينِ وَلَمْ يَكْفِ وَاحِدٌ احْتِيَاطًا لِلنِّكَاحِ نَعَمْ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ لَوْ أَخْبَرَ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ عَدْلٌ بِمَوْتِهِ حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ أَيْ بَاطِنًا الْحِلُّ بَاطِنًا هُنَا بِإِخْبَارِ الْعَدْلِ فَهُمَا شَرْطَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ لَابُدَّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَأَنَّ مَنْ عَبَّرَ مَرَّةً بِشَهَادَتِهِمَا وَمَرَّةً بِإِخْبَارِهِمَا لَحَظَ ذَلِكَ فَالْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ (دُخُولَ قَوْمِهَا) أَيْ أَوَّلِ آبَائِهَا (فِي ذَلِكَ الدِّينِ) أَيْ دِينِ مُوسَى أَوْ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ (قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ) أَوْ قَبْلَ نَسْخِهِ أَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَاجْتَنَبُوا الْمُحَرَّفَ يَقِينًا لِتَمَسُّكِهِمْ بِهِ حِينَ كَانَ حَقًّا فَالْحِلُّ لِفَضِيلَةِ الدِّينِ وَحْدَهَا وَمِنْ ثَمَّ سَمَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِرَقْلَ وَأَصْحَابَهُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي كِتَابِهِ إلَيْهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا إسْرَائِيلِيِّينَ (وَقِيلَ يَكْفِي) دُخُولُهُمْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُحَرَّفَ إذَا كَانَ ذَلِكَ (قَبْلَ نَسْخِهِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ تَزَوَّجُوا مِنْهُمْ وَلَمْ يَبْحَثُوا.
وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِبُطْلَانِ فَضِيلَةِ الدِّينِ بِتَحْرِيفِهِ وَخَرَجَ بِعَلِمَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ دَخَلُوا قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ وَبِقَبْلِ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرَهُ وَذَكَرْنَاهُ مَا لَوْ دَخَلُوا بَعْدَ التَّحْرِيفِ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا وَلَوْ احْتِمَالًا أَوْ بَعْدَ النَّسْخِ كَمَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِشَرِيعَةِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ وَقِيلَ: إنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنْ انْتَصَرَ لَهُ السُّبْكِيُّ لِاحْتِمَالِهِ النَّسْخَ أَيْضًا إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي نَسْخِ الشَّرِيعَةِ لِمَا قَبْلَهَا رَفْعُهَا لِجَمِيعِ أَحْكَامِهَا.
وَقَوْلُ السُّبْكِيّ يَنْبَغِي الْحِلُّ فِيمَنْ عَلِمَ دُخُولَ أَوَّلِ أُصُولِهِمْ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قَبْلَ نَسْخٍ أَوْ تَحْرِيفٍ أَوْ بَعْدَهُمَا قَالَ وَإِلَّا فَمَا مِنْ كِتَابِيٍّ الْيَوْمَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إسْرَائِيلِيٌّ إلَّا وَيُحْتَمَلُ فِيهِ ذَلِكَ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا تَحِلَّ ذَبَائِحُ أَحَدٍ مِنْهُمْ الْيَوْمَ وَلَا مُنَاكَحَتُهُمْ بَلْ وَلَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ كَبَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَقَيْنُقَاعَ وَطُلِبَ مِنِّي بِالشَّامِ مَنْعُهُمْ مِنْ الذَّبَائِحِ فَأَبَيْتُ لِأَنَّ يَدَهُمْ عَلَى ذَبِيحَتِهِمْ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، وَمَنَعَهُمْ قَبْلِي مُحْتَسِبٌ بِفَتْوَى بَعْضِهِمْ وَلَا بَأْسَ بِالْمَنْعِ وَأَمَّا الْفَتْوَى بِهِ فَجَهْلٌ وَاشْتِبَاهٌ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِهِ. اهـ. مُلَخَّصًا ضَعِيفٌ عَلَى أَنَّ فِيهِ مُنَاقَشَاتٍ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ بَسْطِهَا أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة يَقِينًا بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ لَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ فَتَحِلُّ مُطْلَقًا لِشَرَفِ نَسَبِهَا مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ بِنَسْخِهِ وَهِيَ بَعْثَةُ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ لَا بَعْثَةُ مَنْ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أُرْسِلُوا بِالتَّوْرَاةِ، وَزَبُورُ دَاوُد قَدْ مَرَّ أَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ وَلَا يُؤَثِّرُ هُنَا تَمَسُّكُهُمْ بِالْمُحَرَّفِ قَبْلَ النَّسْخِ لِمَا ذُكِرَ وَاقْتِضَاءُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة وَلَوْ يَهُودِيَّةً لَا تُحَرَّمُ إلَّا إنْ كَانَ تَهَوَّدَ أَوَّلُ أُصُولِهَا بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ بَعْثَةَ عِيسَى غَيْرُ نَاسِخَةٍ وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ الْبِنَاءِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ شَرَفَهُمْ اقْتَضَى أَنْ لَا يُحَرَّمُوا إلَّا بَعْدَ بَعْثَةٍ نَاسِخَةٍ قَطْعًا لِقُوَّتِهَا فَلَا شُبْهَةَ بِخِلَافِ الْمُحْتَمَلَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ.
(تَنْبِيهٌ): يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ حُرْمَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ هُنَا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة وَغَيْرِهَا أَوَّلُ آبَائِهَا أَوَّلُ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ يَكْفِي فِي تَحْرِيمِهَا دُخُولُ وَاحِدٍ مِنْ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ أَوْ التَّحْرِيفِ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُهُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ صَارَتْ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ مَنْ يَحِلُّ وَمَنْ تُحَرَّمُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا بَعْضُ آبَائِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ نَظِيرَ مَا يَأْتِي ثَمَّ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُمَا) أَيْ كَمَجُوسِيٍّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ إلَخْ) بِهِ يَنْدَفِعُ مَا تُوُهِّمَ مِنْ إشْكَالِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي السِّيَرِ أَنَّ زَوْجَةَ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِإِقَامَتِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَهَلْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ لَازِمِ كَوْنِهَا حَرْبِيَّةً حَتَّى إذَا انْتَقَلَتْ مَعَ الزَّوْجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ خَرَجَتْ عَنْ وَصْفِ الْحِرَابَةِ وَصَارَ لَهَا أَمَانٌ بِسَبَبِهِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى قَصْدِ نَقْلِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَوَثِقَ مِنْهَا مُوَافَقَتَهَا عَلَى ذَلِكَ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ عَنْ هَذَا التَّزْوِيجِ أَوْ لَيْسَ مِنْ لَازِمِ كَوْنِهَا حَرْبِيَّةً بَلْ يَثْبُتُ لَهَا هَذَا الْوَصْفُ وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إلَى أَنْ- يَثْبُتَ لَهَا أَمَانٌ بِطَرِيقِهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ: هِيَ بِانْتِقَالِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَحُصُولِ أَمَانٍ لَهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ الْمُقِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ مَعَ كَرَاهَةِ نِكَاحِهَا كَمَا تَقَرَّرَ فَهَذَا التَّرْدِيدُ كُلُّهُ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَغَيْرُهُ) عَطْفٌ عَلَى الزَّرْكَشِيُّ أَيْ وَبَحَثَ هُوَ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: نَقْصُ فَسَادِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ) يُتَأَمَّلُ.
(قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ فَيَحِلُّ النِّكَاحُ بِعِلْمِهِمَا ذَلِكَ بَاطِنًا فِيمَا يَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: يَقِينًا) مُتَعَلِّقٌ بِاجْتَنَبُوا فَقَطْ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ فِي بَيَانِ الْمَفْهُومِ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي وَلَمْ يَجْتَنِبُوا وَلَوْ احْتِمَالًا.